فصل: 1623 - مسألة: من سلم في شيء فضيع قبضه أو اشتغل حتى فات وقته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


كتاب السلم

1613 - مسألة‏:

قال أبو محمد عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه‏:‏ السَّلَمُ لَيْسَ بَيْعًا ‏;‏ لأََنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الدِّيَانَاتِ لَيْسَتْ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَفَ ‏,‏ أَوْ التَّسْلِيفَ ‏,‏ أَوْ السَّلَمَ‏.‏ وَالْبَيْعُ يَجُوزُ بِالدَّنَانِيرِ وَبِالدَّرَاهِمِ حَالًّا وَفِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ مُسَمًّى وَإِلَى الْمَيْسَرَةِ‏.‏ وَالسَّلَمُ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، وَلاَ بُدَّ وَالْبَيْعُ يَجُوزُ فِي كُلِّ مُتَمَلَّكٍ لَمْ يَأْتِ النَّصُّ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِهِ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ السَّلَمُ إِلاَّ فِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَقَطْ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ فِي حَيَوَانٍ ، وَلاَ مَذْرُوعٍ ، وَلاَ مَعْدُودٍ ، وَلاَ فِي شَيْءٍ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا‏.‏ وَالْبَيْعُ لاَ يَجُوزُ فِيمَا لَيْسَ عِنْدَك‏.‏ وَالسَّلَمُ يَجُوزُ فِيمَا لَيْسَ عِنْدَك‏.‏ وَالْبَيْعُ لاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ إِلاَّ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَصْلاً‏.‏

برهان ذَلِكَ ‏:‏

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ‏,‏ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى ‏,‏ وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏,‏ قَالَ يَحْيَى ‏,‏ وَأَبُو بَكْرٍ ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا فِي كِتَابِي ، عَنِ ابْنِ نَامِي ‏,‏ وَفِي كِتَابِ غَيْرِي ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ شَيْبَانُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقَ عَبْدُ الْوَارِثِ وَالآخَرُ ‏,‏ كِلاَهُمَا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ أَسْلَفَ فَلاَ يُسْلِفْ إِلاَّ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ‏.‏ فَهَذَا مَنْعُ السَّلَفِ وَتَحْرِيمُهُ أَلْبَتَّةَ إِلاَّ فِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

فَفِي هَذَا إيجَابُ الأَجَلِ الْمَعْلُومِ‏.‏ وَقَدْ صَحَّ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك فَصَحَّ مَا

قلنا نَصًّا وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ‏.‏ وَقَدْ فَرَّقَ الأَوْزَاعِيِّ ‏,‏ وَجُمْهُورُ الْحَنَفِيِّينَ ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ ‏,‏ وَأَصْحَابِنَا الظَّاهِرِيِّينَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ‏.‏ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ ‏:‏ مَا كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ جَازَ حَالًّا ‏,‏ وَمَا كَانَ بِلَفْظِ السَّلَمِ لَمْ يَجُزْ إِلاَّ بِأَجَلٍ‏.‏ وَقَالَ الأَوْزَاعِيِّ ‏:‏ مَا كَانَ أَجَلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ فَهُوَ بَيْعٌ ‏,‏ وَمَا كَانَ أَجَلُهُ أَكْثَرَ فَهُوَ سَلَمٌ‏.‏ قَالَ الْقُمِّيُّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الْحَنَفِيِّينَ ‏:‏ السَّلَمُ لَيْسَ بَيْعًا ‏,‏ وَفِيمَا ذَكَرْنَا خِلاَفٌ نَذْكُرُ مِنْهُ مَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لِذِكْرِهِ ‏:‏ فَطَائِفَةٌ كَرِهَتْ السَّلَمَ جُمْلَةً ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ السَّلَمَ كُلَّهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ نُهِيَ عَنْ الْعِينَةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ ‏:‏ ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ الْعِينَةَ فَقَالَ ‏:‏ نُبِّئْت أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ ‏:‏ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَبَيْنَهُمَا جَرِيرَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ ‏:‏ الْعِينَةُ حَرَامٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ الْحَسَنِ ‏,‏ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَرِهَا الْعِينَةَ ‏,‏ وَمَا دَخَلَ النَّاسُ فِيهِ مِنْهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ أَبِي جَنَابٍ ‏,‏ وَزَيْدِ بْنِ مَرْدَانُبَةَ قَالاَ ‏:‏ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ ‏:‏ انْهَ مَنْ قِبَلَك عَنْ الْعِينَةِ ‏,‏ فَإِنَّهَا أُخْتُ الرِّبَا‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ الْعَيِّنَةُ هِيَ السَّلَمُ نَفْسُهُ ‏,‏ أَوْ بَيْعُ سِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ‏,‏

وَلاَ خِلاَفَ فِي هَذَا ‏,‏ فَبَقِيَ السَّلَمُ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَاحَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ السَّلَمَ فِي الْمَعْدُودِ ‏,‏ وَالْمَذْرُوعِ مِنْ الثِّيَابِ بِغَيْرِ ذِكْرِ وَزْنِهِ وَمَنَعَا مِنْ السَّلَفِ حَالًّا ‏,‏ فَكَانَ هَذَا عَجَبًا مِنْ قَوْلِهِمَا ‏;‏ لأََنَّهُ إنْ كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مَانِعًا مِنْ أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ حَالًّا ‏,‏ أَوْ نَقْدًا ‏,‏ فَإِنَّ نَهْيَهُ عليه السلام عَنْ أَنْ يُسَلِّفَ إِلاَّ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ‏,‏ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ أَشَدُّ فِي التَّحْرِيمِ وَأَوْكَدُ فِي الْمَنْعِ مِنْ السَّلَمِ فِي غَيْرِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ ‏,‏ وَلَئِنْ كَانَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَكِيلِ ‏,‏ وَالْمَوْزُونِ ‏,‏ وَالْمَذْرُوعِ ‏,‏ وَالْمَعْدُودِ جَائِزًا فَإِنَّ قِيَاسَ جَوَازِ الْحُلُولِ وَالنَّقْدِ عَلَى جَوَازِ الأَجَلِ أَوْلَى ‏,‏ فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمَا بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ ‏,‏ بَلْ الْمَنْعُ مِنْ السَّلَفِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَوْضَحُ ‏,‏ لأََنَّهُ جَاءَ بِلَفْظِ النَّهْيِ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ الْقِيَاسُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ إذَا خَالَفَ النَّصَّ‏.‏

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَأَجَازَ السَّلَمَ حَالًّا قِيَاسًا عَلَى جَوَازِهِ إلَى أَجَلٍ ‏,‏ وَأَجَازَ السَّلَمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ‏,‏ فَانْتَظَمَ خِلاَفُ الْخَبَرِ فِي كُلِّ مَا جَاءَ فِيهِ ‏,‏ وَكَانَ أَطْرَدَهُمْ لِلْقِيَاسِ وَأَفْحَشَهُمْ خَطَأً‏.‏

فإن قيل ‏:‏ إنَّ السَّلَمَ بَيْعٌ اُسْتُثْنِيَ مِنْ جُمْلَةِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك

قلنا ‏:‏ هَذَا بَاطِلٌ ‏;‏ لأََنَّهُ دَعْوَى بِلاَ دَلِيلٍ وَلَيْسَ كُلُّ مَا عُوِّضَ فِيهِ بِآخَرَ بَيْعًا ‏,‏ فَهَذَا الْقَرْضُ مَالٌ بِمَالٍ ‏,‏ وَلَيْسَ بَيْعًا بِلاَ خِلاَفٍ‏.‏ وَلَمْ يُجِزْ أَبُو حَنِيفَةَ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ ‏,‏ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ وَمَا نَعْلَمُ لِتَخْصِيصِهِمْ الْحَيَوَانَ بِالْمَنْعِ مِنْ السَّلَمِ فِيهِ دُونَ سَائِرِ مَا أَبَاحُوا السَّلَمَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ‏:‏ حُجَّةً أَصْلاً ‏,‏ إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ مَوَّهَ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ ‏:‏ مِنْ الرِّبَا مَا لاَ يَكَادُ يَخْفَى كَالسَّلَمِ فِي سِنٍّ‏.‏ قَالُوا ‏:‏ وَعُمَرُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ ‏,‏ وَلاَ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا إِلاَّ بِتَوْقِيفٍ‏.‏ ‏.‏

فَقُلْنَا لَهُ ‏:‏ هَذَا لاَ يُسْنَدُ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْكُمْ ‏;‏ لأََنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ ‏,‏ وَهِيَ مُغَضَّفَةٌ لَمَّا تَطِبْ بَعْدُ ‏,‏ وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَهُ عَلَى الْقَطْعِ فَمَرَّةً عُمَرُ حُجَّةٌ ‏,‏ وَمَرَّةً لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ ‏:‏ قَالَ عُمَرُ ‏:‏ مِنْ الرِّبَا أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ وَهِيَ مُغَضَّفَةٌ لَمَّا تَطِبْ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ ابْنِ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ‏:‏ سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَنْ الرَّهْنِ فِي السَّلَفِ فَقَالَ ‏:‏ ذَلِكَ الرِّبَا الْمَضْمُونُ ‏,‏ وَهُمْ يُجِيزُونَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ ‏,‏ وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ إنَّهُ الرِّبَا بِأَصَحِّ طَرِيقٍ حُجَّةً فِي أَنَّهُ رِبًا مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ‏.‏

وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّونَ ‏:‏ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ يَبْتَاعُ الْبَعِيرَ بِالْقَلُوصَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَمْرِهِ وَهَذَا حَدِيثٌ فِي غَايَةِ فَسَادِ الْإِسْنَادِ ‏:‏ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ‏,‏ فَمَرَّةً رَوَاهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ كَثِيرٍ ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ الدِّينَوَرِيِّ ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَرِيشٍ الزُّبَيْدِيِّ ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ‏.‏ وَمَرَّةً قُلِبَ الْإِسْنَادُ ‏;‏ فَجُعِلَ أَوَّلُهُ آخِرَهُ وَآخِرُهُ أَوَّلَهُ ‏:‏ فَرَوَاهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ جُبَيْرٍ ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْشٍ‏.‏ وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَلْتَفِتُ إلَيْهِ إِلاَّ مُجَاهِرٌ بِالْبَاطِلِ أَوْ جَاهِلٌ أَعْمَى‏.‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَى الْمَالِكِيِّينَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّينَ ‏:‏ لأََنَّ الأَجَلَ عِنْدَهُمْ إلَى الصَّدَقَةِ لاَ يَجُوزُ ‏,‏ فَقَدْ خَالَفُوهُ ‏,‏ وَمَجِيءُ إبِلِ الصَّدَقَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِهِ عليه السلام يَخْتَلِفُ اخْتِلاَفًا عَظِيمًا مِنْهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ كَبَلِيٍّ وَجُهَيْنَةَ ‏,‏ وَمِنْهُ عَلَى عِشْرِينَ يَوْمًا كَتَمِيمٍ ‏,‏ وطيئ‏.‏

وَأَيْضًا ‏:‏ فَإِنَّ الْمَالِكِيِّينَ لاَ يُجِيزُونَ سَلَمَ الْإِبِلِ فِي الْإِبِلِ إِلاَّ بِشَرْطِ اخْتِلاَفِهَا فِي الرِّحْلَةِ وَالنَّجَابَةِ ‏,‏ وَلَيْسَ هَذَا مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ نَحْمِلُهُ عَلَى هَذَا

قلنا ‏:‏ إنْ فَعَلْتُمْ كُنْتُمْ قَدْ كَذَبْتُمْ وَزِدْتُمْ فِي الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ ‏,‏ وَمَا لَمْ يُرْوَ قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَخْبَارِ‏.‏ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْحَنَفِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِكُلِّ بَلِيَّةٍ ‏,‏ كَالْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلاَةِ ‏,‏ وَالْوُضُوءِ بِالْخَمْرِ ‏:‏ أَنْ يَأْخُذُوا بِهَذَا الْخَبَرِ ‏;‏ لأََنَّهُ مِثْلُهَا‏.‏ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ ‏:‏ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِعِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏ ‏.‏

فَقُلْنَا ‏:‏ هَذَا عَجَبٌ يَكُونُ قَوْلُ عُمَرَ ‏"‏ مِنْ الرِّبَا السَّلَمُ فِي سِنٍّ ‏"‏ مُضَافًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ ‏,‏ وَيَكُونُ هَذَا الْخَبَرُ بِغَيْرِ عِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي نَصِّهِ ‏:‏ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ آخُذَ فِي إبِلِ الصَّدَقَةِ ‏,‏ فَكُنْتُ أَبْتَاعُ الْبَعِيرَ بِالْقَلُوصَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ ‏,‏ فَلَمَّا قَدِمَتْ الصَّدَقَةُ قَضَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُفٍّ أُفٍّ لِعَدَمِ الْحَيَاءِ ، وَلاَ تُمَوِّهُوا بِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكْرٌ فَقَضَاهُ ‏,‏ فَإِنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ قَرْضًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْقَرْضِ ‏"‏ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا‏.‏

وَكَذَلِكَ ابْتِيَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبْدَ الَّذِي هَاجَرَ إلَيْهِ بِعَبْدَيْنِ وَصَفِيَّةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ ‏:‏ فَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ نَقْدًا‏.‏ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِخَبَرِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ فِي أَنَّ الْعُمْرَةَ تَطَوُّعٌ ‏,‏ وَبِتِلْكَ الْمَرَاسِيلِ وَالْبَلاَيَا أَنْ يَقُولُوا ‏:‏ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ‏,‏ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ‏,‏ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ كُلُّهُمْ قَالَ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ الْحَيَوَانُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لاَ بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ خَيْرَ فِيهِ نَسَاءٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً ‏,‏ وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْمَرَاسِيلِ فَخَالَفَهُ الْمَالِكِيُّونَ جُمْلَةً‏.‏ وَأَجَازُوا الْحَيَوَانَ كُلَّهُ بِالْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ نَسِيئَةً‏.‏ وَأَجَازُوهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إذَا اخْتَلَفَتْ أَوْصَافُهُ بِتَخَالِيطَ لاَ تُعْقَلُ‏.‏ وَنَسِيَ الْحَنَفِيُّونَ قَوْلَهُمْ ‏:‏ إنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ الزَّكَاةُ فِي السَّائِمَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ السَّائِمَةِ لاَ زَكَاةَ فِيهَا ‏,‏ فَهَلاَّ قَالُوا هَاهُنَا ‏:‏ نَهْيُهُ عليه الصلاة والسلام عَنْ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعُرُوضِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً ‏,‏ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ‏.‏ وَأَجَازَ الْحَنَفِيُّونَ الْمُكَاتَبَةَ عَلَى الْوُصَفَاءِ ‏,‏ وَإِصْدَاقَ الْوُصَفَاءِ فِي الذِّمَّةِ وَمَنَعُوا مِنْ السَّلَمِ فِي الْوُصَفَاءِ فَقَالُوا ‏:‏ النِّكَاحُ يَجُوزُ فِيهِ مَا لاَ يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ

قلنا ‏:‏ وَالسَّرِقَةُ حُكْمُهَا غَيْرُ حُكْمِ النِّكَاحِ ‏,‏ وَقَدْ قِسْتُمْ مَا يَكُونُ صَدَاقًا عَلَى مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ ‏,‏ وَمَا فِي حُكْمٍ إِلاَّ ‏,‏ وَهُوَ يُخَالِفُ سَائِرَ الأَحْكَامِ ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْكُمْ ذَلِكَ مِنْ قِيَاسِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ حَيْثُ اشْتَهَيْتُمْ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِنَا ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ نُبَيْحًا الْعَنَزِيَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ ‏:‏ السَّلَمُ بِالسِّعْرِ ‏,‏ وَلَكِنْ اسْتَكْثِرْ بِدَرَاهِمِك أَوْ بِدَنَانِيرِك إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَكَيْلٍ مَعْلُومٍ

وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ رَجُلٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدِينٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فِي السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا عِيسَى الْحَنَّاطُ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ ‏:‏ كَيْلٌ مَعْلُومٌ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ‏.‏ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إبَاحَةُ السَّلَمِ فِي الْكَرَابِيسِ وَهِيَ ثِيَابٌ وَفِي الْحَرِيرِ‏.‏ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي السَّبَائِبِ وَهُوَ الْكَتَّانُ وَكُلُّ ذَلِكَ يُمْكِنُ وَزْنُهُ ‏,‏ وَمَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إجَازَةَ سَلَمٍ حَالٍّ ‏,‏ وَلاَ فِي غَيْرِ مَكِيلٍ ‏,‏ وَلاَ مَوْزُونٍ إِلاَّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ ‏:‏ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ‏.‏

وَرُوِّينَا أَيْضًا ‏:‏ إبَاحَتَهُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِاسْتِدْلاَلٍ لاَ بِنَصٍّ‏.‏

وَرُوِّينَا النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَحُذَيْفَةَ ‏,‏ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ صَحِيحًا ‏,‏ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1614 - مسألة‏:‏

وَالأَجَلُ فِي السَّلَمِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ أَجَلٍ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَحُدَّ أَجَلاً مِنْ أَجَلٍ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ‏:‏ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى‏.‏ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ فَالأَجَلُ سَاعَةٌ فَمَا فَوْقَهَا‏.‏ وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيِّينَ ‏:‏ لاَ يَكُونُ الأَجَلُ فِي ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ‏.‏

وقال بعضهم ‏:‏ لاَ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا تَحْدِيدٌ فَاسِدٌ ‏;‏ لأََنَّهُ بِلاَ

برهان‏.‏

وَقَالَ الْمَالِكِيُّونَ ‏:‏ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَيْنِ فَأَقَلَّ‏.‏ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ‏:‏ مَا تَتَغَيَّرُ إلَيْهِ الأَسْوَاقُ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ‏;‏ لأََنَّهُ تَحْدِيدٌ بِلاَ

برهان ثُمَّ إنَّ الأَسْوَاقَ قَدْ تَتَغَيَّرُ مِنْ يَوْمِهَا ‏,‏ وَقَدْ لاَ تَتَغَيَّرُ شُهُورًا وَكِلاَهُمَا لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُمْ إلَى التَّحْدِيدِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ ‏,‏ وَقَالَ اللَّيْثُ ‏:‏ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا‏.‏

1615 - مسألة‏:‏

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ فِي السَّلَمِ إِلاَّ مَقْبُوضًا فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ تَمَامِ قَبْضِ جَمِيعِهِ بَطَلَتْ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا ‏;‏ لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِأَنْ يُسَلِّفَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ‏.‏ ‏"‏ وَالتَّسْلِيفُ ‏"‏ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا عليه السلام ‏:‏ هُوَ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا فِي شَيْءٍ ‏,‏ فَمَنْ لَمْ يَدْفَعْ مَا أُسْلِفَ فَلَمْ يُسَلَّفْ شَيْئًا ‏,‏ لَكِنْ وَعَدَ بِأَنْ يُسَلِّفَ‏.‏ فَلَوْ دَفَعَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ سَوَاءٌ أَكْثَرُهُ أَوْ أَقَلُّهُ فَهِيَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ ‏,‏ وَعَقْدٌ وَاحِدٌ ‏,‏ وَكُلُّ عَقْدٍ وَاحِدٍ جَمَعَ فَاسِدًا وَجَائِزًا فَهُوَ كُلُّهُ فَاسِدٌ ‏;‏ لأََنَّ الْعَقْدَ لاَ يَتَبَعَّضُ ‏,‏ وَالتَّرَاضِي مِنْهُمَا لَمْ يَقَعْ حِينَ الْعَقْدِ إِلاَّ عَلَى الْجَمِيعِ ‏,‏ لاَ عَلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ ‏,‏ فَلاَ يَحِلُّ إلْزَامُهُمَا مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا جَمِيعًا عَلَيْهِ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ ‏,‏ لاَ عَنْ تَرَاضٍ‏.‏ وَالسَّلَمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْعًا فَهُوَ دَيْنٌ تَدَايَنَاهُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ‏,‏ وَتِجَارَةٌ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلاَّ عَنْ تَرَاضٍ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَابْنِ شُبْرُمَةَ ‏,‏ وَأَحْمَدَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَأَصْحَابِهِمْ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيمَا قُبِضَ وَيَبْطُلُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ‏.‏

وقال مالك ‏:‏ إنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ الثَّمَنِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ ‏,‏ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَكْثَرَ أَوْ بِأَجَلٍ بَطَلَ الْكُلُّ‏.‏ وَهَذَانِ قَوْلاَنِ فَاسِدَانِ كَمَا ذَكَرْنَا ‏,‏ لاَ سِيَّمَا قَوْلَ مَالِكٍ ‏,‏ فَإِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ مَعَ فَسَادِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1616 - مسألة‏:‏

فَإِنْ وَجَدَ بِالثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ عَيْبًا ‏,‏ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ السَّلاَمَةَ بَطَلَتْ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا ‏;‏ لأََنَّ الَّذِي أُعْطِيَ غَيْرَ الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ ‏,‏ فَصَارَ عَقْدَ سَلَمٍ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلاَمَةَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْبِسَ مَا أَخَذَ ، وَلاَ شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ ‏,‏ أَوْ يَرُدَّ وَتُنْقَضُ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا ‏;‏ لأََنَّهُ إنْ رَدَّ الْمَعِيبَ صَارَ سَلَمًا لَمْ يَسْتَوْفِ ثَمَنَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ يَسْتَبْدِلُ الزَّائِفَ ‏,‏ وَيُبْطِلُ مِنْ الصَّفْقَةِ بِقَدْرِ مَا وَجَدَ مِنْ السَّتُّوقِ ‏,‏ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي‏.‏

وقال مالك ‏:‏ يَسْتَبْدِلُ كُلَّ ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ فِي هَذِهِ كَالَّتِي قَبْلَهَا ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏

1617 - مسألة‏:‏

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَا فِي السَّلَمِ دَفْعَهُ فِي مَكَان بِعَيْنِهِ ‏,‏ فَإِنْ فَعَلاَ فَالصَّفْقَةُ كُلُّهَا فَاسِدَةٌ وَكُلَّمَا

قلنا أَوْ نَقُولُ ‏:‏ إنَّهُ فَاسِدٌ ‏,‏ فَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا ‏,‏ مَحْكُومٌ فِيهِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ‏.‏

وبرهان ذَلِكَ ‏:‏ أَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ لَكِنَّ حَقَّ السَّلَمِ قِبَلَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَحَيْثُ مَا لَقِيَهُ عِنْدَ مَحَلِّ الأَجَلِ فَلَهُ أَخْذُهُ ‏,‏ يَدْفَعُ حَقَّهُ إلَيْهِ ‏,‏ فَإِنْ غَابَ أَنْصَفَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إنْ وُجِدَ لَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا‏}‏ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِأَدَاءِ أَمَانَتِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَيُسْأَلُهَا‏.‏ وَالْمَشْهُورُ ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السَّلَمَ يَبْطُلُ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَكَانُ الْإِيفَاءِ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏:‏ مَالُهُ مُؤْنَةٌ وَحِمْلٌ فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ ‏,‏ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ مَوْضِعَ الدَّفْعِ ‏,‏ وَمَا لَيْسَ لَهُ حِمْلٌ ، وَلاَ مُؤْنَةٌ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ مَوْضِعَ الدَّفْعِ‏.‏ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لاَ

برهان عَلَى صِحَّتِهَا ‏,‏ فَهِيَ فَاسِدَةٌ‏.‏

1618 - مسألة‏:‏

وَاشْتِرَاطُ الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ يَفْسُدُ بِهِ السَّلَمُ ‏;‏ لأََنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ‏.‏

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ فِيهِ فَجَائِزٌ‏.‏

لِمَا ذَكَرْنَا فِي ‏"‏ كِتَابِ الرَّهْنِ ‏"‏ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ وَمِمَّنْ أَبْطَلَ بِهِ الْعَقْدَ ابْنُ عُمَرَ ‏,‏ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ‏,‏ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

1619 - مسألة‏:‏

وَالسَّلَمُ جَائِزٌ فِي الدَّنَانِيرِ ‏,‏ وَالدَّرَاهِمِ إذَا سُلِّمَ فِيهِمَا عَرَضًا ‏;‏ لأََنَّهُمَا وَزْنٌ مَعْلُومٌ ‏,‏ فَهُوَ حَلاَلٌ بِنَصِّ كَلاَمِهِ عليه السلام ‏,‏ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً أَصْلاً‏.‏ وَمِنْ السَّلَمِ الْجَائِزِ ‏:‏ أَنْ يُسَلَّمَ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ وَتَمْلِيكُهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ ‏,‏ أَوْ جَازَ بَيْعُهُ فِي لَحْمٍ مِنْ صِنْفِهِ إنْ كَانَ يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِهِ ‏,‏ أَوْ فِي لَحْمٍ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ كَتَسْلِيمِ عَبْدٍ ‏,‏ أَوْ أَمَةٍ ‏,‏ أَوْ كَلْبٍ ‏,‏ أَوْ سِنَّوْرٍ ‏,‏ أَوْ كَبْشٍ ‏;‏ أَوْ تَيْسٍ ‏,‏ أَوْ بَعِيرٍ ‏,‏ أَوْ بَقَرَةٍ ‏,‏ أَوْ أُيَّلٍ ‏,‏ أَوْ دَجَاجٍ ‏,‏ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي لَحْمِ كَبْشٍ ‏,‏ أَوْ لَحْمِ ثَوْرٍ ‏,‏ أَوْ لَحْمِ تَيْسٍ ‏,‏ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ‏;‏ لأََنَّهُ كُلَّهُ سَلَفٌ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي الْحَيَوَانِ أَصْلاً ‏;‏ لأََنَّهُ لَيْسَ يُكَالُ ، وَلاَ يُوزَنُ‏.‏ وَجَائِزٌ أَنْ يُسَلَّمَ الْبُرُّ فِي دَقِيقِ الْبُرِّ ‏,‏ وَدَقِيقُ الْبُرِّ فِي الْبُرِّ ‏,‏ مُتَفَاضِلاً وَكَيْفَ أَحَبَّا

وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ فِي الزَّيْتُونِ وَالزَّيْتُونُ فِي الزَّيْتِ وَاللَّبَنُ فِي اللَّبَنِ ‏,‏ وَكُلُّ شَيْءٍ حَاشَا مَا بَيَّنَّا فِي ‏"‏ كِتَابِ الرِّبَا ‏"‏ وَهُوَ الذَّهَبُ فِي الْفِضَّةِ أَوْ الْفِضَّةُ فِي الذَّهَبِ فَلاَ يَحِلُّ أَصْلاً أَوْ التَّمْرُ ‏,‏ وَالشَّعِيرُ ‏,‏ وَالْبُرُّ ‏,‏ وَالْمِلْحُ فَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُسَلَّفَ صِنْفٌ مِنْهَا ‏,‏ لاَ فِي صِنْفِهِ ، وَلاَ فِي غَيْرِ صِنْفِهِ مِنْهَا خَاصَّةً ‏,‏ وَكُلُّهَا يُسَلَّفُ فِيمَا لَيْسَ مِنْهَا مِنْ الْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ ‏,‏ وَحَاشَ الزَّرْعَ أَيُّ زَرْعٍ كَانَ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ تَسْلِيفُهُ فِي الْقَمْحِ أَصْلاً ‏,‏ وَحَاشَا الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ فَلاَ يَجُوزُ تَسْلِيفُ أَحَدِهِمَا وَالآخَرُ كَيْلاً ‏,‏ وَيَجُوزُ تَسْلِيفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الآخَرِ وَزْنًا لِمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الرِّبَا ‏"‏ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ‏.‏ وَمِمَّا يَجْمَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَمْ يَسْتَثْنِ عليه السلام مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ‏,‏ حَاشَا الأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فَقَطْ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ‏.‏ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا‏.‏ وَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ‏.‏ وَ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فَمَنْ حَرَّمَ مَا لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ شَرَعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ‏,‏ وَمَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْهُ أَوْ أَضَافَ إلَيْهِ مَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ‏.‏

وَقَالَ عليه السلام مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُخَالِفُونَ لَنَا ‏:‏ فَأَبُو حَنِيفَةَ يُجِيزُ أَنْ يُسَلَّمَ كُلُّ مَا يُكَالُ فِي كُلِّ مَا يُوزَنُ ‏,‏ فَيُجِيزُ هُوَ وَسُفْيَانُ تَسْلِيمَ الْقَمْحِ فِي اللَّحْمِ ‏,‏ وَاللَّحْمِ فِي الْقَمْحِ‏.‏ وَيُجِيزُ مَالِكٌ تَسْلِيمَ الْحَدِيدِ فِي النُّحَاسِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُحَرِّمُ ذَلِكَ وَيَجْعَلُهُ رِبًا وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا وَالشَّافِعِيُّ يُجِيزُ تَسْلِيمَ الْفُلُوسِ فِي الْفُلُوسِ‏.‏ وَسُفْيَانُ يُجِيزُ الْخُبْزَ فِي الدَّقِيقِ مِنْ جِنْسِهِ‏.‏

فَصْلٌ اسْتَدْرَكْنَا شَيْئًا يَحْتَجُّ بِهِ الشَّافِعِيُّونَ فِي إجَازَتِهِمْ السَّلَمَ حَالًّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ ‏,‏ وَهُمَا خَبَرَانِ ‏:‏ أَحَدُهُمَا ‏:‏ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ قَالَ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ ‏:‏ ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزُورًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ وَهِيَ الْعَجْوَةُ فَجَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَنْزِلِهِ ‏,‏ فَالْتَمَسَ التَّمْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ ‏,‏ فَقَالَ لِلأَعْرَابِيِّ ‏:‏ يَا عَبْدَ اللَّهِ إنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورًا بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ ‏,‏ وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ عِنْدَنَا ‏,‏ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ ‏:‏ وَاغَدْرَاهُ ‏,‏ فَزَجَرَهُ النَّاسُ وَقَالُوا ‏:‏ أَتَقُولُ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً ‏,‏ ثُمَّ أَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلاَمَ ثَانِيَةً كَمَا أَوْرَدْنَا ‏,‏ فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ ‏:‏ وَاغَدْرَاهُ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ فَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ الأَعْرَابِيُّ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أُمِّ حَكِيمٍ ‏:‏ أَقْرِضِينَا وَسْقًا مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَنَا فَنَقْضِيَكَ فَقَالَتْ ‏:‏ أَرْسِلْ رَسُولاً يَأْتِي يَأْخُذُهُ ‏,‏ فَقَالَ لِلأَعْرَابِيِّ ‏:‏ انْطَلِقْ مَعَهُ حَتَّى يُوفِيَكَ وَذُكِرَ بَاقِي الْخَبَرِ‏.‏ فَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَمَذْهَبِنَا ‏;‏ لأََنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ تَمَّ بَعْدُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الأَعْرَابِيِّ ‏;‏ لأََنَّهُمَا لَمْ يَتَفَرَّقَا‏.‏ هَكَذَا نَصَّ الْحَدِيثُ ‏,‏ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ إنَّا كُنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ بَعِيرًا بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ ‏,‏ وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ عِنْدَنَا ‏,‏ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ وَقَوْلُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْخَبَرِ نَفْسِهِ ‏,‏ فَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ الأَعْرَابِيُّ اسْتَقْرَضَ مِنْ أُمِّ حَكِيمٍ فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام حِينَئِذٍ أَمْضَى مَعَهُ الْعَقْدَ الْمَحْدُودَ وَتَمَّ الْبَيْعُ بِحُضُورِ الثَّمَنِ وَقَبَضَ الأَعْرَابِيُّ‏.‏ هَذَا الْخَبَرُ حُجَّةٌ عَلَى الْحَنَفِيِّينَ ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ ‏;‏ لأََنَّهُمْ يَرَوْنَ الْبَيْعَ يَتِمُّ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ‏:‏ إنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِذِكْرِ الأَجَلِ فِي السَّلَمِ ‏;‏ لأََنَّ ذِكْرَ الأَجَلِ فِي السَّلَمِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا صَدَقَةُ ، هُوَ ابْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسَلِّفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ ‏,‏ وَالثَّلاَثَ فَقَالَ ‏:‏ مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ مِنْ كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَكَانَ خَبَرُ عَائِشَةَ بَعْدَ ذَلِكَ‏.‏

فإن قيل ‏:‏ إنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ كَانَ تَمَّ بَيْنَهُمَا‏.‏

قلنا ‏:‏ لأََنَّهُ عليه السلام لَمْ يَقُلْ ‏:‏ إنَّ هَذَا الأَعْرَابِيَّ صَاحِبُ حَقٍّ ‏,‏ إنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً فَقَطْ ‏,‏ وَهُوَ كَذَلِكَ ‏,‏ وَحَاشَا اللَّهِ أَنْ يَكُونَ الأَعْرَابِيُّ صَاحِبَ حَقٍّ وَهُوَ يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَدْرِ وَالْخَبَرُ الثَّانِي ‏:‏ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ ‏:‏ قَالَ ‏:‏ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا ‏:‏ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تُفْلِحُوا ‏,‏ وَأَبُو لَهَبٍ يَتْبَعُهُ بِالْحِجَارَةِ قَدْ أَدْمَى كَعْبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ ‏,‏ فَلَمَّا ظَهَرَ الإِسْلاَمُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَقْبَلْنَا مِنْ الرَّبَذَةِ حَتَّى نَزَلْنَا قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَةِ ‏,‏ وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ لَنَا ‏,‏ فَأَتَانَا رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ‏,‏ فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلاَمَ ‏,‏ وَمَعَنَا جَمَلٌ لَنَا ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ أَتَبِيعُونَ الْجَمَلَ ‏.‏

فَقُلْنَا نَعَمْ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ بِكَمْ

قلنا ‏:‏ بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَدْ أَخَذْتُهُ ثُمَّ أَخَذَ بِرَأْسِ الْجَمَلِ حَيْثُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ ‏,‏ فَتَلاَوَمْنَا وَقُلْنَا ‏:‏ أَعْطَيْتُمْ جَمَلَكُمْ رَجُلاً لاَ تَعْرِفُونَهُ فَقَالَتْ الظَّعِينَةُ ‏:‏ لاَ تَلاَوَمُوا فَلَقَدْ رَأَيْتُ وَجْهًا مَا كَانَ لِيَخْفِرَكُمْ مَا رَأَيْتُ وَجْهًا أَشْبَهَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ ‏,‏ فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ أَتَانَا رَجُلٌ فَقَالَ ‏:‏ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ إنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إلَيْكُمْ وَإِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا حَتَّى تَشْبَعُوا وَتَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا ‏,‏ فَفَعَلْنَا ‏,‏ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ ‏,‏ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَذُكِرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ‏.‏

قال علي ‏:‏ هذا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ ‏:‏ أَحَدُهُمَا ‏:‏ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْجَمَلَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَنَّهُ عَلِمَ بِصِفَةِ ابْتِيَاعِهِ ‏,‏ وَالأَظْهَرُ أَنَّ غَيْرَهُ كَانَ الْمُبْتَاعَ بِدَلِيلِ قَوْلِ طَارِقٍ بِأَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِذِي الْمَجَازِ وَمَرَّةً عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ ‏,‏ فَلَوْ كَانَ عليه السلام هُوَ الَّذِي ابْتَاعَ الْجَمَلَ لَكَانَ قَدْ رَآهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَهَذَا خِلاَفُ الْخَبَرِ‏.‏ فَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ غَيْرَهُ ‏,‏ وَلاَ حُجَّةَ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ ‏,‏ وَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمَالُ الْبَارِعُ ‏,‏ وَالْوَسَامَةُ ‏,‏ وَالْمُعَامَلَةُ الْجَمِيلَةُ‏.‏ وَقَدْ اشْتَرَى بِلاَلٌ وَمَا يُقْطَعُ بِفَضْلِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ ‏,‏ وَعُمَرَ ‏:‏ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْ تَمْرٍ ‏,‏ وَقَدْ يَكُونُ مُشْتَرِي الْجَمَلِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ إلَى الْقَوْمِ ثَمَنَ الْجَمَلِ فَفَعَلَ‏.‏ الْوَجْهُ الثَّانِي ‏:‏ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ الْمُشْتَرِي ‏,‏ أَوْ أَنَّهُ عَلِمَ الأَمْرَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ لَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِيجَابِ الأَجَلِ زَائِدًا عَلَيْهِ زِيَادَةً يَلْزَمُ إضَافَتُهَا إلَيْهِ ‏,‏ وَلاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا‏.‏ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ ‏,‏ وَلْيَعْلَمْ مَنْ قَرَأَ كِتَابَنَا هَذَا أَنَّهُمَا صَحِيحَانِ لاَ دَاخِلَةَ فِيهِمَا إِلاَّ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِمَا كَمَا ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1620 - مسألة‏:‏

وَمَنْ أَسْلَمَ فِي صِنْفَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمَا فَهُوَ بَاطِلٌ مَفْسُوخٌ ‏,‏ مِثْلُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي قَفِيزَيْنِ مِنْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ ‏;‏ لأََنَّهُ لاَ يَدْرِي كَمْ يَكُونُ مِنْهُمَا قَمْحًا ‏,‏ وَكَمْ يَكُونُ شَعِيرًا ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُمَا نِصْفَانِ لأََنَّهُ لاَ دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ فَلَوْ أَسْلَمَ اثْنَانِ إلَى وَاحِدٍ فَهُوَ جَائِزٌ ‏,‏ وَالسَّلَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي الثَّمَنِ الَّذِي يَدْفَعَانِ ‏;‏ لأََنَّ الَّذِي أَسْلَمَا فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِإِزَاءِ الثَّمَنِ بِلاَ خِلاَفٍ‏.‏ فَلَوْ أَسْلَمَ وَاحِدٌ إلَى اثْنَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ‏,‏ فَهُمَا فِيمَا قَبَضَا سَوَاءٌ ‏;‏ لأََنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِيهِ ‏,‏ وَأَخَذَاهُ مَعًا ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَفَاضَلاَ فِيهِ إِلاَّ بِأَنْ يَتَبَيَّنَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ لِهَذَا ثُلُثَهُ وَلِهَذَا ثُلُثَيْهِ ‏,‏ أَوْ كَمَا يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1621 - مسألة‏:

وَلاَ بُدَّ مِنْ وَصْفِ مَا يُسْلِمُ فِيهِ بِصِفَاتِهِ الضَّابِطَةِ لَهُ ‏;‏ لأََنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ تِجَارَةً عَنْ غَيْرِ تَرَاضٍ ‏,‏ إذْ لاَ يَدْرِي الْمُسَلِّمُ مَا يُعْطِيهِ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ ، وَلاَ يَدْرِي الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُسَلِّمُ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ‏.‏ وَالتَّرَاضِي لاَ يَجُوزُ ، وَلاَ يُمْكِنُ إِلاَّ فِي مَعْلُومٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ‏.‏

1622 - مسألة‏:

وَالسَّلَمُ جَائِزٌ فِيمَا لاَ يُوجَدُ حِينَ عَقْدِ السَّلَمِ ‏,‏ وَفِيمَا يُوجَدُ ‏,‏ وَإِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ ‏,‏ وَإِلَى مَنْ عِنْدَهُ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا لاَ يُوجَدُ حِينَ حُلُولِ أَجَلِهِ‏.‏

برهان ذَلِكَ ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالسَّلَمِ كَمَا ذَكَرْنَا ‏"‏ وَبَيَّنَ فِي الْكَيْلِ ‏"‏ وَفِي الْوَزْنِ ‏,‏ وَإِلَى أَجَلٍ ‏,‏ فَلَوْ كَانَ كَوْنُ السَّلَمِ فِي الشَّيْءِ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ فِي حَالِ وُجُودِهِ ‏,‏ أَوْ إلَى مَنْ عِنْدَهُ مَا سُلِّمَ إلَيْهِ فِيهِ لَمَا أَغْفَلَ عليه السلام بَيَانَ ذَلِكَ حَتَّى يَكِلَنَا إلَى غَيْرِهِ ‏,‏ حَاشَا لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ‏,‏ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا‏.‏

وَأَمَّا السَّلَمُ فِيمَا لاَ يُوجَدُ حِينَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَهُوَ تَكْلِيفُ مَا لاَ يُطَاقُ ‏,‏ وَهَذَا بَاطِلٌ ‏,‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا‏}‏ فَهُوَ عَقْدٌ عَلَى بَاطِلٍ فَهُوَ بَاطِلٌ‏.‏

وقولنا في هذا كُلِّهِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ ‏,‏ وَأَحْمَدَ ‏,‏ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَلَمْ يُجِزْ السَّلَمَ فِي شَيْءٍ لاَ يُوجَدُ حِينَ السَّلَمِ فِيهِ ‏:‏ سُفْيَانُ ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ ‏,‏ وَأَبُو حَنِيفَةَ‏.‏ وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ ‏:‏ لاَ يَجُوزُ السَّلَمُ إِلاَّ فِيمَا هُوَ مَوْجُودٌ مِنْ حِينِ السَّلَمِ إلَى حِينِ أَجَلِهِ لاَ يَنْقَطِعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَمَا نَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ‏.‏ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ ‏:‏ لاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ يَنْقَطِعُ ‏,‏ وَلَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ السَّنَةِ ، وَلاَ يُعْلَمُ أَيْضًا هَذَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ‏.‏

وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مِنْ هَذَا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَشْتَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏:‏ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُ ‏;‏ لأََنَّهُمْ يُجِيزُونَ السَّلَمَ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَهُمَا بَعْدُ سُنْبُلٌ لَمْ يَشْتَدَّ

وَأَمَّا بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاَحِهِ ‏,‏ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏;‏ لأََنَّ السَّلَمَ عِنْدَ الْحَنَفِيِّينَ وَعِنْدَنَا لَيْسَ بَيْعًا فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ جُمْلَةً‏.‏ وَلَوْ كَانَ بَيْعًا لَمَا حَلَّ ‏,‏ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ لاَ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ حِينَ السَّلَمِ فَإِنْ خَصُّوا السَّلَمَ مِنْ ذَلِكَ

قلنا ‏:‏ فَخَصُّوهُ مِنْ جُمْلَةِ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلاَحِ فِيهِ وَإِلَّا فَقَدْ تَحَكَّمْتُمْ فِي الْبَاطِلِ‏.‏ وَمَوَّهُوا بِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ نَجْرَانِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ لاَ تُسْلِفُوا فِي النَّخْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ‏.‏ وَ

حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبُغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ النَّجْرَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُسْلَفَ فِي ثَمَرَةِ نَخْلٍ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ النَّجْرَانِيُّ عَجَبٌ مَا كَانَ لِيَعْدُوَهُمْ حَدِيثُ النَّجْرَانِيِّ ‏,‏ ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إِلاَّ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً‏.‏

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ قِسْنَا عَلَى ثَمَرَةِ النَّخْلِ

قلنا ‏:‏ وَهَلَّا قِسْتُمْ عَلَى السَّائِمَةِ غَيْرَ السَّائِمَةِ ‏,‏ ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ مَا قَالُوهُ مِنْ تَمَادِي وُجُودِهِ إلَى حِينِ أَجَلِهِ‏.‏

وَأَمَّا السَّلَمُ إلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ ‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ ‏:‏ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ شَيْئًا إلَى أَجَلٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ لاَ يَرَى بِهِ بَأْسًا ‏,‏ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ ‏,‏ وَعِكْرِمَةُ ‏,‏ وطَاوُوس ‏,‏ وَابْنُ سِيرِينَ فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ الآثَارِ‏.‏ وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ عَمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرو ، هُوَ ابْنُ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ ‏:‏ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ ‏:‏ ‏"‏ نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ وَسَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ ‏:‏ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ وَمِنْ الْبُخَارِيِّ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ ‏:‏ نَهَى عُمَرُ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ حَتَّى يَصْلُحَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏:‏ لاَ بَأْسَ أَنْ يُسْلِمَ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ أَوْ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي ثَوْرٍ ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ، حَدَّثَنَا طَارِقٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ ‏:‏ قَالَ عُمَرُ ‏:‏ لاَ تُسْلِمُوا فِي فِرَاخٍ حَتَّى تَبْلُغَ وَذَكَرُوا كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ عَنْ الأَسْوَدِ ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ ‏,‏ وَابْنِهِ ‏,‏ وَابْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ أَنَّهُمْ إنَّمَا نَهَوْا عَنْ ذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ فِي زَرْعٍ بِعَيْنِهِ أَوْ فِي ثَمَرِ نَخْلٍ بِعَيْنِهِ وَنَصُّ هَذِهِ الأَخْبَارِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ وَابْنِ عُمَرَ ‏:‏ أَنَّهُمَا رَأَيَا السَّلَمَ بَيْعًا ‏,‏ وَالْحَنَفِيُّونَ لاَ يَرَوْنَهُ بَيْعًا وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا حُجَّةً فِي شَيْءٍ غَيْرَ حُجَّةٍ فِي شَيْءٍ آخَرَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1623 - مسألة‏:‏

وَمَنْ سَلَمَ فِي شَيْءٍ فَضَيَّعَ قَبْضَهُ أَوْ اشْتَغَلَ حَتَّى فَاتَ وَقْتُهُ وَعَدِمَ فَصَاحِبُ الْحَقِّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يُوجَدَ ‏,‏ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ لَوْ وُجِدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ‏}‏ فَحُرْمَةُ حَقِّ صَاحِبِ السَّلَمِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَيْنِ حَقِّهِ كَحُرْمَةِ مِثْلِهَا

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْبُيُوعِ ‏"‏‏.‏

1624 - مسألة‏:‏

وَلاَ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ ‏;‏ لأََنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ صَحِيحٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَبْلُ وَقَدْ صَحَّ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضْ وَعَنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ ‏;‏ لأََنَّهُ غَرَرٌ لَكِنْ يُبْرِئُهُ مِمَّا شَاءَ مِنْهُ فَهُوَ فِعْلُ خَيْرٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1625 - مسألة‏:‏‏

مُسْتَدْرَكَةٌ مِنْ الْبُيُوعِ ‏:‏ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَهِيَ لَهُ بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ قَائِمٍ أَوْ شَجَرٍ ثَابِتٍ‏.‏

وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَبِنَاؤُهَا كُلُّهُ لَهُ وَكُلُّ مَا يَكُونُ مُرَكَّبًا فِيهَا مِنْ بَابٍ أَوْ دُرْجٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ وَمَا زَالَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الدُّورَ وَالأَرْضِينَ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا لاَ يَخْلُو يَوْمٌ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِيهِ بَيْعُ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ هَكَذَا ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ مَا كَانَ مَوْضُوعًا فِيهَا غَيْرَ مَبْنِيٍّ كَأَبْوَابٍ ‏,‏ وَسُلَّمٍ ‏,‏ وَدُرْجٍ ‏,‏ وَآجُرٍّ ‏,‏ وَرُخَامٍ ‏:‏ وَخَشَبٍ ‏,‏ وَغَيْرِ ذَلِكَ‏.‏ وَلاَ يَكُونُ لَهُ الزَّرْعُ الَّذِي يُقْلَعُ ، وَلاَ يَنْبُتُ ‏,‏ بَلْ هُوَ لِبَائِعِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَمَنْ ابْتَاعَ أَنْقَاضًا أَوْ شَجَرًا دُونَ الأَرْضِ فَكُلُّ ذَلِكَ يُقْلَعُ ، وَلاَ بُدَّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ تَمَّ كِتَابُ السَّلَمِ

بسم الله الرحمن الرحيم

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ